تقنية

تعاون أمني ومقدمة لتسليم قيادات لمصر


تعاون أمني بين أنقرة والقاهرة، برز عبر توقيف السلطات التركية القيادي الإخواني محمد عبد الحفيظ، المتهم في قضايا إرهاب خطيرة، وسط ترقب لترحيله إلى مصر خلال الساعات المقبلة.

ويُنظر إلى هذه الخطوة – وفق خبراء تحدثوا لـ«العين الإخبارية» – كجزء من مسار أوسع لإعادة تشكيل العلاقة بين البلدين، والتي بات الجانب الأمني في قلبها، بعد سنوات من التوتر بسبب احتضان أنقرة لقيادات جماعة الإخوان الهاربين.

ويؤشر توقيف عبد الحفيظ، وهو أحد أبرز كوادر الجناح المسلح للجماعة، إلى تحوّل تركي لافت في التعامل مع هذا الملف، بالتوازي مع مؤشرات متزايدة على احتمال تسليم شخصيات أخرى مطلوبة للقضاء المصري.

ووفق مصادر متطابقة، تم توقيف عبد الحفيظ لدى عودته من رحلة عمل، حيث أُبلغ بعدم السماح له بالدخول، وسط تهديدات بترحيله، وفق ما كشفت عنه زوجته في منشور على «فيسبوك».

يأتي ذلك بعد ساعات من إعلان وزارة الداخلية المصرية عن تفكيك خلية إرهابية تابعة لحركة «حسم»، وتحديد أسماء عدد من قياداتها الهاربين في تركيا، وعلى رأسهم عبد الحفيظ.

«ملف الإخوان».. في قلب التقارب المصري التركي

وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي والباحث في مركز «تحليل السياسات» في إسطنبول، محمود علوش، في حديث خاص لـ«العين الإخبارية»:

«لا يُستبعد أن يتم ترحيل الناشط بحركة حسم، محمد عبد الحفيظ، إلى مصر. والتطور الذي نشهده اليوم يعكس خطوات سياسية وأمنية أكبر في المرحلة المقبلة، ضمن سياق تعاون وثيق بين أنقرة والقاهرة».

وأوضح علوش أن هذا التعاون يأخذ زخماً متزايدًا منذ إعادة إصلاح العلاقات بين تركيا ومصر، قائلًا: «بعد عودة العلاقات، بات هناك تعاون أمني واستخباراتي على مستوى عالٍ بين البلدين، خاصة في ما يتعلق بالقضايا الأمنية الحساسة، ومنها ملف الجماعات المتطرفة وتنظيم الإخوان».

وأشار إلى أن تركيا «تبدي اهتمامًا كبيرًا بتعزيز العلاقة مع مصر، وهذا يتوقف بدرجة أساسية على معالجة القضايا التي تسببت في توتير العلاقات خلال السنوات الماضية، وخصوصًا الجانب الأمني المتعلق بجماعة الإخوان».

وأضاف: «أنقرة اتخذت منذ بدء مسار إصلاح العلاقات العديد من الخطوات في هذا الملف، شملت التضييق على القنوات الإعلامية الإخوانية، وتقييد تحركات بعض الأفراد. وقد أوجدت تلك الخطوات بيئة إيجابية لعلاقات ثنائية متقدمة».

لا حصانة للمخالفين

من جهته، شدد المحلل السياسي التركي يوسف كاتب أوغلو، في حديث خاص لـ«العين الإخبارية»، على أن القوانين التركية «لا تسمح للمنتمين لأي جماعات، سواء كانت الإخوان أو غيرهم، أن يستخدموا أراضي تركيا منصة للتحريض أو الهجوم الإعلامي على أنظمة سياسية لدول عربية أو أجنبية».

وأكد أن ترحيل أي شخص من الأراضي التركية لا يتم إلا وفق الأطر القانونية الواضحة، موضحًا: «تركيا دولة قانون ومؤسسات، وإبعاد أي عنصر من البلاد لا يتم إلا إذا كانت هناك مخالفات قانونية تستوجب ذلك. القوانين التركية لا تستثني أحدًا، والقضاء فوق الجميع».

محمد عبد الحفيظ أحد قيادات حركة «حسم» الإخوانية

وأشار كاتب أوغلو إلى أن أنقرة تحرص على الحفاظ على علاقات مستقرة مع دول المنطقة، بما في ذلك مصر، مؤكدًا أن «المعادلة الراهنة لا تسمح بأي تساهل مع عناصر تستخدم تركيا لأغراض تضر بمصالحها مع الدول الشقيقة».

من هو محمد عبد الحفيظ؟

يُعد عبد الحفيظ من أخطر المطلوبين لدى القاهرة، ويحمل سجلًا حافلًا بالقضايا الإرهابية. يبلغ من العمر 29 عامًا، وهو مهندس زراعي من مركز السادات بمحافظة المنوفية. ووفق الوثائق القضائية، فإنه متهم في قضيتين رئيسيتين:

الأولى قضية اغتيال النائب العام هشام بركات (رقم 81 لسنة 2016 أمن دولة عليا)، والتي صدر فيها حكم بالإعدام غيابيًا ضده في يوليو 2017.

والثانية قضية محاولة اغتيال النائب العام المساعد المستشار زكريا عبد العزيز عثمان (رقم 64 لسنة 2017 عسكرية).

كما ورد اسمه في قضية محاولة استهداف الطائرة الرئاسية، وتورط في التخطيط لهجمات مسلحة ضد الجيش والشرطة والبعثات الدبلوماسية، بحسب بيانات وزارة الداخلية المصرية.

تشير التحقيقات إلى أن عبد الحفيظ انضم إلى كتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة «حماس»، وخضع لتدريبات عسكرية متقدمة، ثم تسلل إلى مصر من خلال الأنفاق الحدودية. كما ثبت أنه شارك في رصد تحركات قوات الأمن والجيش بهدف استهدافهم، وهو ما اعتبرته النيابة «حصولًا غير مشروع على أسرار دفاعية».

وفي أبريل/نيسان 2018، أُدرج اسمه ضمن قوائم الإرهاب لمدة 3 سنوات، بعد أن رفضت محكمة النقض الطعن المقدم ضد القرار.

هل تُسلّم تركيا قيادات أخرى؟

توقيف عبد الحفيظ دفع إلى طرح تساؤلات بشأن مصير قيادات إخوانية أخرى لا تزال مقيمة في تركيا.

وكان الإعلامي المصري أحمد موسى قد قال إن عبد الحفيظ «سيُسلّم خلال ساعات»، مشيرًا إلى أن «الخطوة القادمة» قد تشمل عناصر مثل يحيى موسى، ومحمد منتصر، وعلاء السماحي، وعلي محمود عبد الونيس.

وتأتي هذه التطورات في ظل تحولات إقليمية تدفع أنقرة نحو إعادة رسم علاقاتها على أسس براغماتية، تتضمن التخلص من عبء الجماعات التي كانت تمثل عامل توتر دائم في علاقاتها مع دول المنطقة، وعلى رأسها مصر.

aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA== جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى