سلاح «لم يُطلق قط».. قصة مسدس ليزري صمّمه الاتحاد السوفياتي للفضاء

في ذروة الحرب الباردة، وخوفًا من احتمال اندلاع مواجهة عسكرية في الفضاء، طوّر الاتحاد السوفياتي مسدسًا ليزريًا لاستخدامه في المدار.
ورغم كونه ابتكارًا ثوريًا في حينه، لكن فعالية المسدس ظلت محدودة للغاية، بسبب طاقته المنخفضة وظروف الفضاء القاسية، فضلًا عن ندرة سيناريوهات الاشتباك المباشر بين روّاد الفضاء.
وبحسب تقرير لمجلة “ناشيونال إنترست”، كان العالم على حافة سباق تسلح فضائي في ثمانينيات القرن الماضي، حيث أطلق الرئيس الأمريكي آنذاك، رونالد ريغان، مشروع “مبادرة الدفاع الاستراتيجي”، الذي عُرف إعلاميًا بـ”حرب النجوم”، ما أثار قلق موسكو ودفعها إلى تعزيز برامجها الفضائية العسكرية.
وردا على ذلك، طوّر السوفيات سلاحًا فرديًا يعمل بالليزر، بهدف تسليح روّادهم في المدار.
تكنولوجيا معقدة.. وقدرة محدودة
اعتمد المسدس الليزري على خراطيش حرارية تعمل عبر احتراق مسحوق أو رقائق الزركونيوم في بيئة مشبعة بالأوكسجين، ما ينتج ومضة ضوئية مركّزة تُوجَّه عبر بلورة من الياقوت الصناعي المدعّم بالنيوديميوم. ويصدر السلاح شعاعًا ليزريًا بالأشعة تحت الحمراء غير المرئية.
لكن رغم التكنولوجيا المتقدمة، لم تتجاوز طاقة الطلقة الواحدة بين 1 إلى 10 جول، أي ما يعادل قوة بندقية هوائية. وكان ذلك كافيًا لإحداث ضرر في الحساسات البصرية للأجهزة أو لإحداث عمى مؤقت، لكن دون قدرة حقيقية على الاختراق أو إلحاق أذى قاتل.
بلغ مدى السلاح الفعّال نحو 20 مترًا فقط، ما جعله مناسبًا للاستخدام في المسافات القريبة داخل المركبات الفضائية أو المحطات المدارية. ورغم أن استخدامه بدا غير واقعي، فقد اعتبرته القيادة العسكرية السوفياتية وسيلة محتملة لحماية الروّاد من “تهديدات” غير محددة، بما فيها اشتباكات محتملة مع روّاد أمريكيين أو أجهزة فضائية معادية.
كان مسدس الليزر المحمول جزءًا من برنامج محطة الفضاء ألماز الأكبر، التي زُوِّدت بأنظمة دفاعية أخرى، مثل مدفع آر-23 إم كارتيتش.
لكن الليزر كان حلاً أكثر قابلية للحمل لرواد الفضاء الذين ربما كانوا مهددين من قِبل أنظمة الفضاء الأمريكية أو حتى رواد الفضاء.مصير تقني غامض لسلاح غير مستخدم.
وقد أُجريت اختبارات ناجحة للمسدس الليزري، وأثبت فعاليته في إضعاف الأجهزة البصرية في ظروف محاكاة فضائية. لكنه لم يدخل الخدمة الفعلية.
وظل المسدس ضمن أسرار الدولة السوفياتية حتى تفكك الاتحاد في أوائل التسعينيات، حيث كُشف النقاب عنه لاحقًا في متاحف مثل أكاديمية بطرس الأكبر العسكرية في موسكو، ومتحف الصواريخ الإستراتيجية في أوكرانيا.
ومع غياب جدوى استخدامه، وتعقيدات نقله وتشغيله في المدار، تمّ التخلي عن المشروع، في ظل تراجع عسكرة الفضاء لصالح التعاون الدولي— وهو تعاون بدأ يضعف مؤخرًا مع عودة التوترات العالمية.
aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA==
جزيرة ام اند امز