بنغازي-مينسك.. خبراء يكشفون لـ«العين الإخبارية» أسرار التقارب وسر التوقيت

في محاولة منها لمواجهة العزلة الدولية التي فرضتها عليها حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية، ولت الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب الليبي وجهها شطر بيلاروسيا.
فبحضور رفيع المستوى ترأسه رئيس الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب أسامة حماد، شاركت ليبيا في احتفالات عيد الاستقلال بجمهورية بيلاروسيا، في زيارة لم تخلُ من اتفاقيات تؤكد مدى التقارب والتعاون والتنسيق بين الجانبين.
خطوة هامة
الزيارة اعتبرها مراقبون، خطوة مهمة نحو دعم الحكومة الليبية في مواجهة العزلة الدولية التي تحاول حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية فرضها عليها.
ويقول الخبير السياسي والعسكري الليبي، محمد الترهوني، إن العديد من الدول بينها بلاروسيا باتت ترى المنطقة الشرقية والجنوبية الليبية مناخا جاذبا للاستثمار والتعاون وحقلا خصبا للتنمية والإعمار، مستفيدة بمناخ الاستقرار والأمن الذي بثه الجيش الليبي، والنجاح الدبلوماسي، للحكومة الليبية، لكسر الحصار الذي تحاول أن تفرضه الحكومة منتهية الولاية، في مقابل الفوضى والاشتباكات المتكررة من قبل المليشيات في طرابلس والمنطقة الغربية.
وأوضح في تصريحات لـ”العين الإخبارية” أن وفدا رفيع المستوى من بيلاروسيا سبق وزار بنغازي خلال شهر مارس/آذار الماضي، ورأى عجلة الإعمار الدائرة، لذلك دُعيت الحكومة الليبية إلى مينسك للتوقيع على اتفاقيات لتعزيز التعاون المشترك.
نجاحات مرتقبة:
ونوه إلى أن الاتفتاح البيلاروسي ومن غيره من البلدان على الشرق الليبي يعطي مؤشرا سياسيا عن استقرار هذه المنطقة ويؤكد أن العقبة الحقيقية أمام الاستقرار والانتخابات المنتظرة في منطقة أخرى، فالمنطقة التي يؤتمن على مستثمرين أجانب فيها يمكن أن تؤتمن على صناديق الانتخابات، بعكس المناطق التي يهرب منها الاستثمار، خشية على نفسه وعماله من الاشتباكات.
ويرى الترهوني أن هذا التعاون يمكن أن يمتد للعديد من الملفات المهمة، بينها الأمني والعسكري مع الجيش الليبي، بزيادة أعداد المتدربين العسكريين الليبيين في مينسك، أو التعاون في مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية والجرائم الأخرى.
فك العزلة:
ويتفق المحلل السياسي الليبي سالم سويري، مع أن الحكومة الليبية والقيادة العامة للجيش الوطني نجحت إلى حد بعيد في فك العزلة الدولية التي تحاول أن تفرضه الحكومة منتهية الولاية بالعاصمة طرابلس، مؤكدا أن العديد من الدول تحاول التقارب مع القيادة العامة والحكومة الليبية وتوقيع اتفاقيات.
وأوضح سويري في تصريحات لـ”العين الإخبارية” أن دولة عضوا في حلف الناتو وأخرى في الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي باتت تربطها علاقات دولية قوية واتفاقيات مع الحكومة الليبية، أي أنها تجمعها علاقات مع معسكري الشرق والغرب وهذا سيفتح المجال لتعاون مثمر في العديد من الموضوعات والملفات، خاصة الاقتصادية والأمنية.
وتابع أن المجتمع الدولي يتعامل بواقعية ويبحث عن المصلحة والتي تتحقق في التعاون مع الحكومة التي تسيطر على 80% من الدولة النفطية، والتي أصبحت أشبه بورشة إعمار مفتوحة، في مقابل، حكومة أخرى تسيطر على 20% من البلاد، تتقافز على صفيح ساخن من الاشتباكات والفوضى.
وعدد سويري الملفات التي يمكن أن يتعاون فيها الجانبان، قائلا إن من بينها: التدريب العسكري وصيانة المعدات ومكافحة الجرائم الصناعة والطاقة، والزراعة، وكذلك التكنولوجيا الحديثة، والمعدات الزراعية والآلات الثقيلة، والإعمار وغير ذلك.
توقيت حساس
وبحسب المحلل السياسي الليبي، عمر أبو سعيدة، فإن هذه التحركات بمثابة خطوة استراتيجية في توقيت حساس، بالنظر للوفد المرافق لرئيس الحكومة الليبية أسامة حماد، من حيث الحجم ونوعة اختصاصهم، وهم الأمين العام للقيادة العامة للجيش، ومساعد رئيس جهاز المخابرات العامة وكذلك 7 من الوزراء، ما يعكس مدى أهمية هذه الزيارة ومستوى التنسيق بين البلدين.
وأشار في تصريحات لـ”العين الإخبارية” إلى أن الزيارة ذات بعد عسكري وأمني واضح، من حيث التدريب والتسليح، وصيانة المعدات العسكرية، وكذلك الجانب الأمني والتعليم العالي والزراعة واستخراج المعادن الثمينة.
وأوضح أن الزيارة تعتبر تحركا إيجابيا يثبت أن الحكومة الليبية ليست معزولة دوليا ولديها استقلالية القرار، وتسجل نقطة مهمة في تعدد الحلفاء الذي بات أمرا ضروريا لضمان التحرر من ضغوطات المصالح والحسابات الدولية والإقليمية .
تعاون اقتصادي
وتضمنت الزيارة العديد من الاجتماعات المهمة والزيارة لتبادل المعلومات والتعاون بما في ذلك زيارة جامعة الحماية المدنية التابعة لوزارة حالات الطوارئ بجمهورية بيلاروسيا، للاطَّلاع على برامج التدريب والتأهيل التي تقدمها الجامعة في مجالات الوقاية والاستجابة لمختلف الكوارث والطوارئ وطرق اجلاء وانقاذ المتضررين، إضافة إلى حضور التدريب العملي ومحاكاة حوادث الحرائق والانفجارات.
كما زار الوفد الليبي معرض بيلا إكسبو 2025 في مدينة مينسك، حيث أكد رئيس الحكومة الليبية أهمية تعزيز التعاون المشترك في مختلف المجالات التي من شأنها تعزيز الشراكة والمساهمة في إثراء الجوانب الثقافية والاقتصادية بين البلدين.
قنصلية واتفاقيات
كما افتتح حماد مبنى القنصلية الليبية في العاصمة البيلاروسية مينسك، بحضور نائب رئيس الوزراء البيلاروسي، فيكتور كارانكيفيتش، والنائب الأول لوزير الخارجية، سيرغي لوكاشيفيتش، وعدد من المسؤولين في وزارة الخارجية البيلاروسية.
وتضمنت الزيارة التوقيع على عدد من الاتفاقيات الاستراتيجية في قطاعات الصحة والداخلية والزراعة والصناعة والتعليم التقني والطوارئ.
aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA== جزيرة ام اند امز