بين ركام مقهى في بحر غزة.. حزن وذكريات (صور)

طبقات الخشب والصفيح المقوى تحولت إلى خراب ودمار فيما تناثرت بقع الدم على الأرض وتبعثرت كراسي بلاستيكية محطمة بالمكان.
هذا كل ما تبقى من مقهى «الباقة» المطل على البحر عند شاطئ حي الرمال في غرب مدينة غزة الثلاثاء، غداة غارة إسرائيلية أسفرت عن مقتل أكثر من عشرين شخصا.
وأعلن الدفاع المدني الإثنين أن 24 شخصا قتلوا وأصيب عشرات آخرون في غارة جوية إسرائيلية على مقهى واستراحة الباقة.
وأكد الجيش الإسرائيلي الثلاثاء أن الغارة التي قال إنها استهدفت “عددا من إرهابيي حماس”، تخضع إلى “المراجعة”.
وكان من بين القتلى إسماعيل أبوحطب وهو مصور تلفزيوني مستقل، والفنانة التشكيلية آمنة السالمي الملقبة بـ”فرانس”، في حين أصيبت بيان أبوسلطان، الصحفية والناشطة المعروفة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتعرض المقهى مرارا لأضرار خلال الحرب المتواصلة منذ أكثر من 20 شهرا، لكنّ مالكيه أعادوا ترميمه جزئيا خلال هدنة هشة شهدها القطاع في وقت سابق من هذا العام، وانهارت في مارس/آذار الماضي مع استئناف إسرائيل عملياتها العسكرية.
حزن وذكريات
تفاعل كثيرون على منصات التواصل مع الغارة الإسرائيلية واستذكروا ضحاياها لتخليد ذكراهم. وانتشرت على نطاق واسع لوحة رسمتها قبل أيام آمنة السالمي وتصوّر فيها ثلاثة قتلى.
وكتبت الصحفية الفلسطينية نور الحرازين تقول إن “آمنة لم تكن مجرد فنانة، بل كانت روحًا مُشرقة”.
من جهته، كتب الناشط وسيم صالح على حسابه على فيسبوك: “نجلس بجانب كافتيريا الباقة”، مضيفة أن البحر ما زال يقذف أشلاء القتلى و”ندفنها”.
وقبل ظهر الثلاثاء، خرجت من مستشفى الشفاء في غرب غزة، جنازات للقتلى وسط مزيج من الحزن والغضب.
وخلال صلاة الجنازة على جثمان أبوحطب، وُضعت سترته الواقية من الرصاص التي كتب عليها “صحافة” بالإنجليزية، على صدره، كما العادة مع عشرات الصحفيين الفلسطينيين الذين قتلوا في الحرب.
أما بيان أبوسلطان التي انتشرت صورتها والدماء تغطي وجهها بعد إصابتها في الضربة، فكتبت على فيسبوك “نجونا”.
وصرح الجيش الإسرائيلي الثلاثاء بأن الغارة الجوية على المقهى استهدفت “عددا من إرهابيي حماس”، مضيفًا أن الهجوم قيد “المراجعة”.
“ملاذ للناس”
وكتبت علا عبدربه، وهي ناشطة فلسطينية أصيبت في الغارة، “فجأة سمعت صوت انفجار وجدت رجلي تنزف”.
قبل اندلاع الحرب بغزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، كان المقهى يستقبل يوميا مئات الزبائن من الجنسين والفئات العمرية المختلفة، ويقدم مشروبات ساخنة وعصائر والأطعمة والمأكولات الفلسطينية والغربية.
وفي ظل الحرب والنقص الحاد في المواد الغذائية جراء الحصار الاسرائيلي، لم يستطع المقهى تقديم وجبات طعام، لكنه كان يقدم بعض المشروبات الساخنة. وبدأ قبل أسابيع توفير خدمة الإنترنت شبه المفقودة في غزة، مجانا لزبائنه.
وأعرب مالك المقهى ماهر الباقة (40 عاما) عن صدمته جراء الغارة.
وقال لفرانس برس إن “الباقة هي استراحة وكافيه (مقهى) عام ومن أشهر الكافيهات على البحر في غزة، رواده من الشباب المثقف والصحفيين والفنانين وأطباء ومهندسين وكادحين”.
وأضاف “كانوا يشعرون بحرية واطمئنان ويعتبرونه مثل بيتهم الثاني”.
وتابع “كانوا جالسين بأمان الله، فوجئنا بقصف المكان”، مشيرا الى أنه فقد في الغارة ثلاثة من أفراد عائلته وأربعة من العاملين في المقهى.
وشاركت الصحفية في غزة شروق العيلة صورا للمقهى عبر حسابها على إنستغرام مع تعليق جاء فيه “البحر أصبح ملاذنا الوحيد”.
واعتبر ماهر أن المقهى كان “متنفسا لكثير من الناس، الملاذ الأخير للناس”.
وأضاف “شعرت أن تضامن الناس مع المكان كأنهم يدافعون عما تبقى لهم من حلم في غزة”.
aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA== جزيرة ام اند امز