النفط في قلب المواجهة.. ضربات إسرائيل وإيران تعيد مخاوف أمن الطاقة

خلال العامين الماضيين، ظل الشرق الأوسط منطقة متوترة، حيث استهدفت ميليشيات الحوثي السفن التجارية في البحر الأحمر، بينما شنت إسرائيل حملات عسكرية واسعة في غزة ولبنان، وتبادلت الهجمات الصاروخية مع إيران.
ومع ذلك، بقيت أسواق النفط العالمية هادئة نسبيًا، لأن السيناريو الأسوأ -وهو اندلاع حرب شاملة بين إسرائيل وإيران- لم يتحقق.
ولكن هذا الأمر حدث بالفعل الآن وفي رد فعل سريع، قفز سعر خام برنت -المعيار العالمي- بنسبة 8% ليصل إلى 74 دولارًا للبرميل في 13 يونيو/حزيران 2025. والسؤال الأهم الآن: إلى أي مدى يمكن أن ترتفع الأسعار؟
ووفقا لتقرير لمجلة “الايكونوميست” حتى الآن، لم تتأثر الإمدادات الفعلية للنفط، وتعكس الزيادة الحالية في الأسعار الخوف من تعطلات مستقبلية. وإذا ما استمرت المواجهة، يرجّح المحللون مثل “خورخي ليون” من شركة Rystad Energy أن تعود أسعار برنت إلى نطاق يتراوح بين 65 و70 دولارًا للبرميل، مع اختفاء علاوة المخاطر تدريجيًا.
لكن تهدئة الوضع تبدو أقل احتمالًا هذه المرة. فقد صرّح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن الضربات ضد إيران “ستستمر ما دام الأمر يتطلب”. أما الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فقد حذر من أن الخطوة التالية لإسرائيل قد تكون “أكثر وحشية”. وإذا استمر تبادل الضربات دون الوصول إلى حرب شاملة، فإن العقوبات الغربية على إيران قد تُشدد، مما قد يؤدي إلى فقدان حوالي 600 ألف برميل يوميًا من السوق العالمية -ما يعادل نحو 0.6% فقط من الإمدادات- وهو ما قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بين 5 و10 دولارات للبرميل.
أما إذا استهدفت إسرائيل البنية التحتية النفطية الإيرانية بشكل مباشر -مثل الآبار ومحطات التصدير- فقد يؤدي ذلك إلى تعطيل 1.7 مليون برميل يوميًا من الإمدادات. والمنتجون لا يمانعون ارتفاع الأسعار. في هذا السيناريو، قد ترتفع الأسعار تدريجيًا وتصل إلى ما دون 90 دولارًا للبرميل.
إغلاق مضيق هرمز؟
وتزداد الخطورة إذا قررت إيران إغلاق مضيق هرمز، الممر الحيوي الذي تمر عبره 30% من صادرات النفط البحرية العالمية و20% من الغاز الطبيعي المسال. ورغم التهديدات الإيرانية المتكررة بإغلاقه، لم تُقدم إيران على هذه الخطوة سابقًا، نظرًا للمخاطر الكبيرة التي تنطوي عليها -فالمضيق مهم أيضًا لإيران. كما أن أي محاولة كهذه ستدفع الولايات المتحدة والصين -أكبر مستوردي النفط الخليجي- إلى التدخل العسكري لضمان استمرار تدفق الطاقة.
لكن في حال حدث ذلك، فإن مسارات تصدير النفط ستتأثر بشكل كبير. السعودية قد تلجأ إلى خط أنابيبها شرق-غرب، الذي تبلغ طاقته 5 ملايين برميل يوميًا، وهو ما يعادل نصف إنتاجها تقريبًا. إلا أن 85% من صادرات العراق، وجميع صادرات الكويت، عمان، وقطر، تمر عبر المضيق وليس لديها بدائل. وفي مثل هذا السيناريو، قد يقفز سعر برنت إلى ما فوق 100 دولار للبرميل، حسب “مايكل هاي” من بنك Société Générale.
وحتى الآن، لا يزال النفط يتدفق والأسواق متماسكة. لكن مع تصاعد حدة الخطاب السياسي وزيادة الهجمات، فإن الهدوء الحالي في الأسواق قد لا يدوم. الشرق الأوسط طالما كان بؤرة توتر جيواستراتيجي، لكن هذه المرة يبدو أن الفتيل قد أُشعل بالفعل.
aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA==
جزيرة ام اند امز