«بلاكووتر» تعود بثوب جديد.. مرتزقة في قلب فوضى هايتي

في جزيرة غارقة في الفوضى، وفي لحظةٍ يعيد فيها التاريخ إنتاج أسوأ كوابيسه، يطل إريك برنس مجددًا من خلف الستار، مرتديًا عباءة «المنقذ» بجيش من المرتزقة لا يحمل غير الرصاص والطائرات المسيّرة.
فمؤسس “بلاكووتر” سيئة السمعة، يجد في هايتي الجريحة ساحةً جديدة لتجارته القديمة، مستغلًا انهيار الدولة وتضخم نفوذ العصابات، ليقدّم نفسه بديلاً جاهزًا لـ«شرطة عاجزة» ومجتمع دولي فقد البوصلة، بحسب موقع ريسبونسبول ستيت كرافت.
ويقول الموقع الأمريكي، إن إريك برنس، مؤسس شركة بلاكووتر الأمنية الشهيرة – المعروفة حاليًا باسم “كونستيليس” في نسختها الأخيرة – يعود إلى الواجهة مجددًا عبر خطته لإرسال نحو 150 مرتزقًا إلى هايتي هذا الصيف.
تأتي خطوة برنس، صاحب الباع الطويل في “الحرب العالمية على الإرهاب” في محاولة لدعم قوات الشرطة الهايتية في مواجهة الجماعات المسلحة التي تسيطر على نحو 85 في المائة من العاصمة بورت أو برنس، بحسب موقع ريسبونسبول ستيت كرافت.
هذه الخطوة تمثل مغامرة خطيرة قد تكون من أخطر رهاناته التجارية والسياسية حتى الآن، خاصة في ظل تاريخ برنس المثير للجدل الذي يشمل مذبحة ساحة النسور في العراق عام 2007، حيث قتل مرتزقته 17 مدنيًا.
برنس، الذي ترك بلاكووتر عام 2010 لكنه ظل نشطًا في مجال الشركات الأمنية الخاصة، يقدم خدماته الآن للحكومات الأجنبية وأجهزة الشرطة حول العالم، مستخدمًا في هايتي حتى طائرات مسيرة هجومية لاستهداف زعماء العصابات.
عودة برنس في عهد ترامب تحمل طابعًا انتهازيًا، إذ يرى محللون أن استقرار الأوضاع الأمنية في هايتي قد يساعد في وقف تدفق المهاجرين إلى الولايات المتحدة، وهو ما يتماشى مع أهداف الإدارة الجمهورية الحالية. ولا يعرض برنس خدماته مباشرة على واشنطن، بل على من يعتقد أنهم حلفاء لها أو سيكونون كذلك في إدارة ترامب.
لكن هذه الخطوة قد تزيد من تعقيد الأوضاع في هايتي، التي تعاني تاريخيًا من تدخلات أجنبية فاشلة ومؤسسات ضعيفة. فالقوات متعددة الجنسيات المدعومة من واشنطن لم تحقق نجاحًا في مكافحة الجماعات المسلحة، وسبق أن شهدت البلاد فضائح بعثات حفظ السلام الأممية التي انتهت بمذابح واعتداءات جنسية وانتشار وباء الكوليرا.
ويؤكد خبراء أن الأزمة في هايتي ناتجة عن تفكيك مؤسسات المساءلة الديمقراطية، مثل الشرطة والقضاء، وأن الحل الحقيقي يجب أن يكون في إعادة بناء هذه المؤسسات، وليس الاعتماد على شركات أمنية خاصة لها سجل دموي غير مسؤول.
كما حذر السفير الأمريكي السابق لدى هايتي دانيال فوت من أن مقاتلي برنس لا يفهمون القضايا الثقافية والاجتماعية المحلية، ولا يضبطون استخدام القوة، مما قد يؤدي إلى مذابح جديدة مشابهة لما حدث في العراق. وأعرب بعض العاملين في مجال الأمن عن قلقهم من غياب الرقابة والمساءلة إذا كانت هذه الصفقة خاصة ولا تخضع لأي إشراف حكومي أو برلماني.
إريك برنس، الذي كان له تاريخ طويل في تقديم خدمات المرتزقة الخاصة، ويشتهر بعلاقاته مع دوائر اليمين الأمريكي، شارك في مشاريع عدة مثيرة للجدل، منها محاولات دعم ميليشيات في ليبيا وصفقات عسكرية سرية، إضافة إلى خططه السابقة لخصخصة الحروب مقابل استغلال الموارد المعدنية في مناطق النزاع.
ورغم استبعاده من التعاقدات الحكومية الأمريكية في 2020، إلا أنه لا يزال نشطًا في تقديم عروض أمنية لبعض الحكومات والدول، مستفيدًا من علاقاته السياسية والاقتصادية.
aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA== جزيرة ام اند امز