أوروبا بوجه إسرائيل أخيرًا.. تحول «لافت» بجهود «ناقصة»

في تحول مهم طال انتظاره، قررت المفوضية الأوروبية أخيرًا إعادة ضبط علاقتها مع إسرائيل.
وتبحث بروكسل فرض عقوبات على وزراء إسرائيليين متطرفين ومستوطِنين عنيفين، وتعليق امتيازات تجارية، في محاولة قد تكون الأكثر أهمية من جانب الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على إسرائيل.
وبعد اتهامها سابقا بالانحياز الواضح لإسرائيل، قالت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين، إن “الأحداث المروعة التي تجري يوميًا في غزة يجب أن تتوقف”. وأكدت أن الاتحاد الأوروبي لا يزال “مدافعًا راسخًا عن حل الدولتين الذي تقوضه إجراءات الحكومة الإسرائيلية الأخيرة المتعلقة بالمستوطنات”.
نقطة تحول
هذه التصريحات تمثل اعترافا صارخا بأن بروكسل لم تعد قادرة على تجاهل الفجوة بين مبادئها المعلنة وأفعالها المُمكِّنة بحسب موقع “ريسبونسيبل ستايت كرافت” الذي اعتبر أن خطوات الاتحاد الأوروبي تشير إلى نقطة تحول في العلاقة مع حكومة إسرائيلية أظهرت ازدراءً متزايدًا لمخاوف شركائها الأوروبيين.
فمثلا التعريفات الجمركية المقترحة، بإعادة فرض معدلات “الدولة الأكثر تفضيلًا” على صادرات إسرائيلية بقيمة 5.8 مليار يورو، ليست مجرد رمزية بل ضغط اقتصادي ملموس يهدف لجذب انتباه تل أبيب كما أن العقوبات الموجهة ضد الوزراء المسؤولين عن الخطاب والسياسات التحريضية تضيف مسحة ضرورية من المساءلة الشخصية.
لكن وعلى الرغم من قوتها، فإن هذه الحزمة تعاني من عدة عيوب فهي متأخرة للغاية، وناقصة بشكل خطير، وتعكس إلى حد كبير أزمة من صنع أوروبا نفسها.
وفيما يتعلق بالتأخير، فإنه كان يتعين على الاتحاد الأوروبي “أكبر مانح للمساعدات الإنسانية”، أن يتعامل مع مأساة غزة المستمرة منذ عامين والتي ساهم في تمويلها عبر دعمه التجاري والسياسي لإسرائيل، بحسب الموقع
وتأتي استجابة بروكسل الآن بعد ضغط عام ودبلوماسي هائل، كما أنها تبدو كمحاولة متأخرة للحاق بالواقع بعدما أظهرت بعض الدول الأعضاء في التاحاد الأوروبي شجاعة أخلاقية.
أما الثغرة الأكثر وضوحا فهي أن الحزمة لا تتضمن الإجراء الأكثر منطقية وشرعية وهو فرض حظر كامل للتجارة مع المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في الضفة الغربية المحتلة.
هذا الأمر يعد فشلا عميقا في المبدأ والسياسة فالمستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي وهي المحرك الأساسي للاحتلال الذي تزعم فون دير لاين الآن أنه يقوض حل الدولتين.
وفي الوقت الذي تبدو فيه المفوضية الأوروبية مترددة فإن الدول الأعضاء في التكتل تتبنى خطوات منفردة وهو ما أسماه رئيس “مشروع الشرق الأوسط الأوروبي” في بروكسل مارتن كونيشني “تأثير الدومينو”.
فقد أعلنت الحكومة الهولندية أنها ستحظر واردات المستوطنات الإسرائيلية، لتصبح خامس دولة في الاتحاد الأوروبي تفعل ذلك بعد تحركات حاسمة من أيرلندا، سلوفينيا، بلجيكا، وإسبانيا.
ويكشف هذا الائتلاف المتنامي عن الضرورة الأخلاقية والجدوى السياسية لمثل هذا الإجراء الذي تواصل المفوضية تجنبه.
وفي الوقت نفسه فإن هذا الإجراء ليس خيارًا سياسيًا فحسب بل هو التزام قانوني حيث أوضحت محكمة العدل الدولية العام الماضي في رأي تاريخي أن جميع الدول ملزمة بوقف التجارة والدعم الذي يسهل نظام الاستيطان غير القانوني.
من جهة أخرى، يعاني نهج المفوضية برمته من ثغرة أخلاقية وقانونية قاتلة فإجراءاتها المقترحة مُؤطَّرة فقط من خلال منظور إنساني، وهو ما يتجاهل عمدًا التزامات الاتحاد القانونية الصريحة بمنع الإبادة الجماعية.
بالتالي فإن التركيز فقط على تعليق أجزاء من اتفاقية الشراكة مع إسرائيل يعني أن تتجاهل المفوضية الشكل الأكثر مباشرة للتواطؤ وهو لستمرار تدفق الأسلحة من الدول الأعضاء إلى إسرائيل.
ووفقًا لمعهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي، شكّلت ألمانيا وحدها 30% من واردات إسرائيل من الأسلحة الثقيلة في الفترة 2019-2023، واستمرت في إصدار تراخيص التصدير حتى بعد اندلاع حرب غزة.
aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA== جزيرة ام اند امز