تقنية

الذكاء الاصطناعي التوليدي.. خبير تكنولوجي يكشف تحديات إطلاق نماذج جديدة


في وقت تتسابق فيه كبرى شركات التكنولوجيا العالمية للهيمنة على سوق الذكاء الاصطناعي، تواجه هذه الصناعة عقبات تقنية واستراتيجية تعرقل إطلاق النماذج الجديدة، حتى لدى اللاعبين الكبار.

أحدث الأمثلة جاءت من شركة “ديب سيك” الصينية الناشئة و”أوبن إيه آي” الأمريكية، حيث واجهتا تأجيلات لافتة في طرح أحدث ابتكاراتهما.

تعثر صيني بسبب الرقائق

مصادر مطلعة كشفت لصحيفة “فايننشال تايمز” أن “ديب سيك” اضطرت لتأجيل إطلاق نموذجها “R2″، بعد فشل جهود التدريب باستخدام رقائق “Ascend” من “هواوي”، واضطرارها للعودة إلى رقائق “إنفيديا” الأمريكية في مرحلة التدريب، مع الاكتفاء بـ”Ascend” للاستنتاج.

محمد الحارثي، استشاري تكنولوجيا المعلومات والإعلام الرقمي، أوضح أن هذه المشكلة تعكس تحديًا جوهريًا تواجهه الشركات الصينية، وهو أن “تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة ليس مجرد عملية برمجية، بل هو استثمار بملايين الدولارات، وتكلفة التدريب والتحديث مرتفعة للغاية، خاصة في النماذج العميقة المعقدة (Deep Thinking Models) مثل تشات جي بي تي 5”.

ضغوط سياسية واقتصادية

يأتي تعثر “ديب سيك” في ظل ضغوط من السلطات الصينية على الشركات المحلية لاستخدام رقائق “هواوي”، خاصة بعد أن أصبحت صادرات الرقائق الأمريكية إلى الصين محور صراع تجاري. 

وفي المقابل، سمحت واشنطن مؤخرًا بعودة مبيعات شريحة “H20” من “إنفيديا” إلى السوق الصينية، وسط مخاوف بكين الأمنية من الاعتماد على مكونات أمريكية في تطوير تقنيات حيوية.

ويشير الحارثي في حديثه لـ”العين الإخبارية” إلى أن “هذه النماذج تتطلب قوة حوسبة هائلة وبيانات ضخمة، ما يجعل الجدوى الاقتصادية محل تساؤل، خصوصًا إذا لم يحقق عدد المستخدمين عائدًا يغطي هذه النفقات”.

ويرى أن “النماذج الصينية الجديدة، رغم تقدمها، لا تزال تتحرك ببطء مقارنة بالمنافسين، فالتقنيات المحلية لم تصل بعد إلى مستوى الأداء المطلوب، لكنّها قادرة على تلبية احتياجات فئة من المستخدمين، خاصة عبر ما يعرف بالوكيل الذكي”.

أوبن إيه آي.. من التأجيل إلى الإطلاق

في أمريكا، لم تكن الصورة أكثر استقرارًا. فقد أعلنت “أوبن إيه آي” في أغسطس/آب الجاري عن إطلاق نموذج “GPT-5” الذي سيصل إلى 700 مليون مستخدم لـ”شات جي بي تي”، بعد سلسلة تأجيلات طالت حتى إعلان يوليو/تموز الماضي عن تأجيل غير محدد لنموذج مفتوح المصدر كان مقرراً طرحه في الصيف.

ويؤكد الحارثي أن “تأجيل أوبن إيه آي لم يكن مجرد عقبة تقنية، بل كان قرارًا استراتيجيًا مرتبطًا بسلامة الاستخدام وتقييم المخاطر قبل الإطلاق، خاصة مع حساسية النماذج المفتوحة التي يصعب التراجع عنها بعد نشرها”.

ويصف هذا التحديث بأنه “قفزة عالمية في قدرات الاستخدام، مقارنة بالإصدار السابق، لكنه جاء بعد فترة ترقب، حيث فضلت الشركة التريث وإجراء اختبارات أمان إضافية قبل الإطلاق”. 

كما يضيف أن “الشركات الكبرى أصبحت أكثر حذراً في طرح الخصائص الجديدة، إذ تراقب ردود أفعال السوق وخطوات المنافسين قبل ضخ استثمارات إضافية، خصوصًا أن العائدات الفعلية من هذه الابتكارات لا تزال غير واضحة”.

تكاليف التطوير.. استثمار ضخم مقابل عائد غير مضمون

وبحسب الحارثي، فإن “تطوير نماذج ذكاء اصطناعي متقدمة، مثل GPT-5 أو R2، يحتاج إلى استثمارات بملايين الدولارات، من دون ضمان تحقيق عائدات تغطي هذه التكاليف على المدى القصير”. 

ويضيف: “إطلاق أي نموذج جديد لا يتعلق فقط بالقوة التقنية، بل بقدرته على جذب عدد كافٍ من المستخدمين يبرر هذا الاستثمار، وهو ما يدفع البعض إلى التريث ومراقبة حركة المنافسين قبل الدخول بميزات جديدة”.

مستقبل المنافسة.. قلة اللاعبين وكثرة الرهانات

ويرى الحارثي أن “المنافسة الحقيقية في نماذج الذكاء الاصطناعي العالمية تدور بين عدد محدود من الشركات العملاقة، لكن حتى مع ضخ مليارات الدولارات، فإن وتيرة الإصدارات ليست بالسرعة التي يتصورها البعض”. 

تسارع الإنفاق لا يعني بالضرورة تسارع الإصدارات، يقول استشاري تكنولوجيا المعلومات والإعلام الرقمي، بل قد يدفع الشركات إلى مزيد من الحذر، خصوصًا في ظل ضبابية نماذج الاستخدام التجاري الفعلي لهذه التقنيات”، مؤكدًا أن التأجيلات قد تصبح جزءًا طبيعيًا من هذا السباق.

aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA== جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى