تقنية

سباق المقاتلات العالمي.. «إف-16» تسيطر و«رافال» تُبهر والصين قادمة بقوة


يُعد سوق تصدير الطائرات المقاتلة مرآة تعكس توازنات القوى العالمية، بما يجمع بين مفهومي “القوة الصلبة” و”القوة الناعمة” في آن واحد.

في هذا المشهد المعقد، تتصدر الولايات المتحدة المشهد بفارق شاسع، سواء من حيث عدد الطائرات التي تم تصديرها أو القيمة المالية لتلك الصفقات، بحسب مجلة “ناشيونال إنترست”.

وفي ظل غياب قوة قادرة على منافسة واشنطن في المدى القريب أو المتوسط، تظل فرنسا وروسيا اللاعبان الأبرز خلف الولايات المتحدة في هذا المضمار، رغم دخول دول أخرى – أبرزها الصين وكوريا الجنوبية – هذه السوق العالمية بقوة متزايدة.

أمريكا: زعامة تجارية مدفوعة بالهيمنة الصناعية

ترتكز الريادة الأمريكية في سوق المقاتلات على قاعدة صناعية صلبة تضم عمالقة مثل “لوكهيد مارتن”، و”بوينغ”، و”نورثروب غرومان”؛ وهي شركات قامت بتصدير آلاف الطائرات العسكرية إلى مختلف القارات خلال العقود الخمسة الماضية، في تجسيد حي لقوة الاقتصاد الرأسمالي الأمريكي.

وفي قلب هذه الهيمنة تقف مقاتلة “إف-16 فايتنغ فالكون”، التي تُعد واحدة من أنجح الطائرات المقاتلة في التاريخ الحديث.

فمنذ دخولها الخدمة، تم تصنيع أكثر من 4000 وحدة، منها نحو 2000 بيعت لحلفاء وشركاء للولايات المتحدة حول العالم.

ويُعزى هذا النجاح إلى المزيج الفريد الذي تقدمه الطائرة من حيث الموثوقية والسعر المقبول وسهولة الترقية.

وفي المقابل، تقدم الولايات المتحدة أيضًا طائرة “إف-35 لايتنينغ2″، وهي المقاتلة الشبحية الوحيدة من الجيل الخامس المتاحة للتصدير.

وقد تم تسليم نحو 900 طائرة منها حتى الآن، معظمها لدول تمتلك ميزانيات دفاعية ضخمة.

ويُنظر إلى هذه المبيعات على أنها تعزيز مباشر لمكانة واشنطن في المعادلة الجيوسياسية العالمية.

فرنسا: مقاتلة “رافال” تحلق بباريس إلى القمة

مقاتلات إف-35 أمريكية


خلال سنوات قليلة فقط، صعدت فرنسا إلى المرتبة الثانية في سوق تصدير المقاتلات، مدفوعة بنجاح مقاتلتها رافال من إنتاج “داسو للطيران”.

وتتمتع هذه الطائرة متعددة المهام بمكانة متميزة في أساطيل دول مثل الهند، ومصر، وقطر، والإمارات، واليونان.

ويكمن أحد أسرار النجاح الفرنسي في استقلالية القرار السياسي، حيث لا تفرض باريس القيود نفسها التي تفرضها واشنطن على مبيعاتها؛ الأمر الذي يجعل المقاتلات الفرنسية خيارًا مغريًا للدول الراغبة في تنويع مصادر تسليحها.

أما من الناحية التقنية، فتتميز الرافال بإلكترونيات طيران متقدمة، وكفاءة قتالية مثبتة، وقابلية عالية للتكيف مع المهام المختلفة، مما يجعلها منافسا حقيقيا للمقاتلات الأمريكية والروسية.

وتشير التقديرات إلى أن نحو 500 طائرة تم تصنيعها أو التعاقد على شرائها حتى الآن، نصفها تقريبًا مخصص للتصدير.

روسيا: التراجع بعد عقود من النفوذ

مقاتلات إف-35 أمريكية


لطالما احتلت روسيا – ومن قبلها الاتحاد السوفياتي – المرتبة الثانية في تصدير المقاتلات، بفضل طائرات مثل “و-30″ و”سو-35” و”ميغ-29″، إلا أن اندلاع الحرب في أوكرانيا، وتداعيات العقوبات الغربية، وضعا الصناعة الدفاعية الروسية في موقف صعب، أدى إلى تراجعها إلى المرتبة الثالثة خلف فرنسا.

رغم ذلك، لا تزال موسكو تحافظ على حضور واسع في أسواق آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، خاصة لدى الدول التي تفضّل الابتعاد عن الشروط السياسية الغربية.

فالمقاتلات الروسية تُباع بأسعار منخفضة نسبيًا، وغالبًا ما تكون دون قيود سياسية صارمة، ما يجعلها جذابة للدول ذات الميزانيات المحدودة أو التي تتبنى مواقف سياسية محايدة.

لكن مع تعمّق أزمة العقوبات وتعطل سلاسل الإنتاج، تتآكل ثقة العملاء في الاعتمادية الروسية.

الصين وكوريا الجنوبية: القادمون من الخلف

مقاتلات إف-35 أمريكية


في موازاة هيمنة الثلاثي الكلاسيكي، بدأت قوى جديدة تُعلن عن نفسها في ساحة تصدير المقاتلات. فبدأت الصين، على وجه الخصوص، الإسراع من وتيرة إنتاجها المحلي، وتُروّج لمقاتلات مثل “تشينغدو جيه-10″ و”جيه إف-17” (المشتركة مع باكستان) في أسواق أفريقيا والشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا.

وتعتمد بكين في تسويق مقاتلاتها على عناصر السعر التنافسي، والمرونة التمويلية، وربط المبيعات بمبادرات أوسع تشمل التعاون الصناعي والتكامل في شبكات الدفاع والتجارة الصينية.

أما كوريا الجنوبية، فقد دخلت السوق بطموحات عالية، مستندة إلى تطوير طائرات مثل “كيه إف-21” و”تي-50″، والتي أثارت اهتماما من دول مثل بولندا، وماليزيا، والفلبين، والسنغال.

وعلى الرغم من أن العديد من الصفقات لا تزال قيد التفاوض أو الانتظار، يضع استكمالها بنجاح سول في نادي كبار مصدّري الطائرات الحربية خلال العقد القادم.

aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA== جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى