الموت في غزة والصدى بألمانيا.. أصوات الجوعى تصطدم بجدران الانقسام

يواجه المستشار الألماني فريدريش ميرتس ضغوطًا متصاعدة داخليًا وخارجيًا بسبب موقف حكومته المتحفظ تجاه السياسات الإسرائيلية في قطاع غزة.
بأتي ذلك في وقت تتعمق فيه الأزمة الإنسانية داخل القطاع، وسط تحذيرات أممية من أن الوضع أصبح «كارثيًا» ويهدد حياة المدنيين، بمن فيهم موظفو الأمم المتحدة.
تغيّب ألماني لافت عن بيان غربي يدين إسرائيل
وفي خطوة أثارت الكثير من الانتقادات، غابت ألمانيا عن بيان مشترك أصدرته 29 دولة غربية – من بينها بريطانيا وفرنسا – أدانت فيه ما وصفته بـ«القتل الوحشي» للفلسطينيين في قطاع غزة، ودعت إلى وقف فوري للحرب، مطالبة بتحسين توزيع المساعدات الإنسانية، معتبرة أن مقتل أكثر من 800 مدني خلال سعيهم للحصول على الغذاء أمر «مروّع».
ورغم أن المستشار الألماني فريدريش ميرتس عبّر عن مواقف ناقدة لتصرفات الحكومة الإسرائيلية، إلا أن غياب بلاده عن البيان كان ملحوظًا، خصوصًا في ظل تغير نبرته السياسية الأخيرة تجاه تل أبيب.
وقالت وزيرة التعاون الاقتصادي والتنمية، ريم العبلي-رادوفان، العضو في الحزب الديمقراطي الاجتماعي (شريك الائتلاف الحاكم)، إنها «غير راضية» عن موقف ألمانيا، مضيفة: «المطالب الواردة في الرسالة الموجهة من 29 شريكًا إلى الحكومة الإسرائيلية مفهومة تمامًا بالنسبة لي، وكنت أتمنى أن تنضم ألمانيا إلى الإشارة التي أرسلها الشركاء».
ميرتس: مواقفنا لا تقل صرامة عن الحلفاء
حاول مكتب المستشار احتواء الموقف، مؤكداً أن ألمانيا تعبّر عن انتقادات مشابهة لتلك الواردة في البيان المشترك، وإن بصيغ دبلوماسية مختلفة.
وقال ميرتس إنه أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «بشكل واضح وصريح» بأن برلين لا تتفق مع سياسة إسرائيل في غزة، مضيفًا: «نرى قبل كل شيء المعاناة الكبيرة للمدنيين هناك، ولهذا أجدد دعوتي لتقديم مساعدات إنسانية عاجلة لسكان قطاع غزة. فالطريقة التي يعمل بها الجيش الإسرائيلي هناك غير مقبولة».
بدوره، قال المتحدث باسم الحكومة الألمانية، شتيفان كورنيليوس، إن تصريحات ميرتس ووزير الخارجية الألماني حملت في مضمونها نفس انتقادات البيان المشترك، مضيفًا: «تصريحاتهما لا تقل بأي حال عن البيان من حيث الجوهر والأهمية».
كارثة إنسانية متصاعدة في غزة
في موازاة الجدل السياسي، تتفاقم الأزمة الإنسانية في غزة بشكل حاد. فقد حذّرت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»، الثلاثاء، من أن موظفي الأمم المتحدة أنفسهم في القطاع «يعانون الجوع»، وأن العديد منهم «يُغمى عليهم» بسبب سوء التغذية، في ظل تدهور الوضع الغذائي وتقييد وصول المساعدات.
وقالت جولييت توما، مديرة الاتصالات في «أونروا»، في إفادة صحفية عبر الفيديو من جنيف: «البحث عن الطعام في غزة أصبح مميتًا كالقصف تمامًا». وأضافت أن الوكالة لديها 6,000 شاحنة محملة بالأغذية والأدوية ومستلزمات النظافة تنتظر السماح لها بالدخول من قبل إسرائيل.
وطالبت توما بالتوصل إلى اتفاق يسمح بوقف إطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن، وضمان تدفق منتظم للإمدادات الإنسانية بإشراف الأمم المتحدة، بما في ذلك «أونروا».
هجمات إسرائيلية على منشآت إنسانية
في السياق نفسه، أدان طارق يساريفيتش، المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية، ثلاث هجمات إسرائيلية وقعت يوم الإثنين على مبنى يأوي موظفين تابعين للمنظمة في دير البلح وسط القطاع، إضافة إلى تدمير المستودع الرئيسي للمنظمة هناك.
وأكد أن «النازحين يتعرضون لسوء المعاملة»، مما يعقّد إيصال الخدمات الصحية والمساعدات، مشيرًا إلى أن الاستهداف المباشر للمرافق الإنسانية يشكل خرقًا واضحًا للقانون الدولي.
جريمة حرب
وفي تصريح شديد اللهجة، قال المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، فولكر تورك، إن «أوامر التهجير الإسرائيلية والهجمات المكثفة على جنوب غرب دير البلح زادت من معاناة الفلسطينيين»، محذرًا من أن هذه العمليات «قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية».
وأكد تورك في بيان صدر من جنيف أن «التهجير القسري الذي تنفذه إسرائيل يُعد جريمة حرب»، داعيًا تل أبيب، بصفتها «قوة محتلة»، إلى ضمان إيصال الغذاء والدواء، والسماح الفوري وغير المشروط بدخول وتوزيع المساعدات الإنسانية.
aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA==
جزيرة ام اند امز