لماذا يجب على أمريكا بناء مراكز بيانات في الإمارات والسعودية؟

أشاد محللون باتفاق الشراكة بين الإمارات والولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي معتبرين أنه يساعد على بناء قدرة جديدة تُموّل وتُدار بالتعاون بين الجانبين.
كما تُعد السبيل الوحيد للحفاظ على تفوق واشنطن في ظل منافسة متسارعة من الصين، التي تطور حزمة ذكاء اصطناعي متكاملة تُستخدم في الأسواق الناشئة. ويحذر هؤلاء من أن ترك هذه الدول للشراكة مع بكين سيمنح الأخيرة نفوذًا تكنولوجيًا عالميًا.
ونقل تحليل نشرته مجلة “فورين بوليسي” عن تصريحات لرئيس الذكاء الاصطناعي في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ديفيد ساكس، بأن “الاتفاق يتضمن بندا استثماريا مساويا، لذا ستمول الإمارات بناء بنية تحتية للذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة لا تقل قدرًا عن تلك في الإمارات. وفي الإمارات، سيكون الجزء الأكبر من القدرة الحاسوبية مملوكًا وتُدار من قبل شركات سحابية أمريكية، لخدمة المنطقة وكذلك دول الجنوب العالمي.”
وكانت زيارة الرئيس الأمريكي للإمارات في مايو/أيار الماضي قد أسفرت عن عدة نتائج وخاصة شراكة “تسريع الذكاء الاصطناعي بين الولايات المتحدة والإمارات”، والتي ترتكز على مركز بيانات للذكاء الاصطناعي في أبوظبي. وستكون “ستارغيت الإمارات”، وهي منصة للبنية التحتية والمشروع الأوَّل في مبادرة “OpenAI للدول”، جزءًا من مركز البيانات، الذي سيكون واحدًا من أكبر المراكز عالميًا. وقد طُوِّر بالتعاون الوثيق مع الحكومة الأمريكية وبرعاية شخصية من ترامب.
شراكات متنوعة
كما تتضمن الشراكة استثمارًا ثنائيًا: مجموعة طاقتها 1 غيغاواط في أبوظبي (مع تشغيل أول 200 ميغاواط المتوقع في 2026)، والتزام إماراتي بتوسيع البنية التحتية لمشروع “ستارغيت” داخل الولايات المتحدة.
وتتبنّى السعودية نهجًا مشابهًا عبر مشروع “HUMAIN” — وهو المشروع الرائد لصندوق الاستثمارات العامة السعودي في مجال الذكاء الاصطناعي. وبدعم من صفقات مع، من بين الآخرين، Nvidia وQualcomm، صُمم “HUMAIN” كمنصة سعودية ذات طموحات إقليمية وعالمية، وتستهدف تدريب النماذج، والاستدلال، وخدمات الذكاء الاصطناعي في الأسواق الناشئة—وكل ذلك مضمن في البنية التحتية التقنية الأمريكية.
ووفقا للتحليل، تسعى الإمارات والسعودية والمنطقة الخليجية الأوسع، معًا، ليكونوا بمثابة خلفية حسابية للذكاء الاصطناعي للأسواق الناشئة في آسيا وأفريقيا، ممهّدين الطريق لنموذج شراكات أمريكية محاذية للولايات المتحدة قد تتفوق، مع الوقت، على الصين في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي.
ويعتبر ساسة أمريكيون إن القدرة الحاسوبية — القادرة على معالجة البيانات وتشغيل كل شيء بدءًا من الحسابات الأساسية وحتى النظم المتقدمة للذكاء الاصطناعي — تُعتبر مكافئة لليورانيوم المخصّب في القرن الحادي والعشرين، وأنها رافعة حاسمة للقوة الوطنية التي يجب توزيعها بحذر شديد، إن وُزعت أساسًا.
وتسيطر الولايات المتحدة على نحو 75% من “الحوسبة الحدية المتقدمة” عالميًا، مدعومة إلى حد كبير بوحدات معالجة الرسومات من Nvidia وتصاميم تستند إلى Arm. ويعتقد كثيرون في واشنطن أن الصين، التي تحد من صادراتها، لا تستطيع قريبًا تجميع أو نشر بنية ذكاء اصطناعي تنافسية على نطاق واسع. يدّعي هؤلاء أن الفوز في سباق الذكاء الاصطناعي العام يتطلب الحفاظ على هذا التفوق. ويدعمون نظامًا عالميًا طبقيًا، تُمنح فيه الشرائح المتطورة فقط للحلفاء الموثوقين، بينما يُترك بقية العالم خارج هذا النظام.
فوائد أخرى
من جانب اخر، تُظهر الشراكة بين الولايات المتحدة ودول الخليج، خاصة الإمارات والسعودية، أهمية استراتيجية متزايدة في بناء مستقبل الذكاء الاصطناعي العالمي. فبينما تواجه الولايات المتحدة اختناقات حادة في الطاقة والبنية التحتية، تستطيع دول الخليج بناء مراكز بيانات ضخمة بسرعة وبتكلفة منخفضة، مستفيدة من وفرة الطاقة لديها. هذا يجعلها شريكًا مثاليًا لتوسيع القدرات الحاسوبية الأمريكية دون الاعتماد على الصين أو انتظار مشاريع داخلية معقدة.
ويرى مؤيدو هذا التعاون أن الأزمة لم تعد في توفر الشرائح، بل في القدرة على تشغيلها بطاقة كافية. ولذلك، يُعتبر الخليج حلاً عمليًا لتجاوز هذا التحدي. إضافة إلى ذلك، فإن التزام الإمارات والسعودية بالاستثمار في البنية التحتية داخل الولايات المتحدة يعزز التعاون بدلًا من تقويضه.
تتيح هذه الشراكات للولايات المتحدة الحفاظ على قيادتها في سباق الذكاء الاصطناعي، وخلق بديل حقيقي أمام الدول الناشئة التي تواجه اليوم خيارًا بين البنية الأمريكية أو الصينية. والتعاون مع الخليج لا يعني التنازل عن التقنية، بل توسيع انتشارها عالميًا بما يخدم المصالح الأمريكية، ويُرسّخ بنية ذكاء اصطناعي سيادية موثوقة في مواجهة التوسع التقني الصيني.
aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA== جزيرة ام اند امز