تقنية

البنوك المركزية تخطط لزيادة مخزوناتها من الذهب.. مشتريات قياسية في 2025


تتجه البنوك المركزية حول العالم بشكل متزايد نحو الذهب باعتباره ملاذًا آمنًا. وذلك في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية وتراجع الثقة في الدولار الأمريكي.

وفي ظل عالم يشهد مزيدًا من التفتت والشكوك الاقتصادية، توضح تحركات البنوك المركزية تفضيلًا متزايدًا للأصول الملموسة والمستقلة التي أثبتت جدواها عبر الزمن. وبينما لا يزال الدولار يحتفظ بمكانته، فإن هيمنته كأصل احتياطي عالمي لم تعد بلا منازع، في حين يستعيد الذهب مكانته كحامي الثروة في أوقات الأزمات.

  • يعكس تزايد إقبال البنوك المركزية على الذهب تراجع الثقة في الدولار الأمريكي، وعودة الذهب كأصل استراتيجي في ظل الأزمات العالمية.
  • تصاعد التوترات الجيوسياسية والعقوبات دفع الدول لإعادة احتياطاتها إلى الداخل، خوفًا من تجميد الأصول المخزنة في الخارج.
  • استطلاع مجلس الذهب العالمي يظهر اتجاهًا متزايدًا عالميًا لتنويع الاحتياطيات، مع توقعات بزيادة قياسية في حيازة الذهب خلال عام.

وكشف استطلاع حديث أجراه مجلس الذهب العالمي أن عددًا قياسيًا من البنوك المركزية تتوقع زيادة احتياطاتها من الذهب خلال هذا العام، مع انخفاض متوقع في حيازتها من الدولار الأمريكي خلال السنوات الخمس المقبلة.

ووفقا لتقرير صحيفة فاينشيال تايمز، دفعت حالة عدم الاستقرار الجيوسياسي، ومخاطر العقوبات، والمخاوف بشأن مستقبل الدولار الأمريكي، هذه البنوك إلى إعادة تقييم استراتيجيات الاحتياطي لديها. وقد أصبح الذهب الآن ثاني أكبر أصل احتياطي عالميًا بعد أن تجاوز اليورو، ولا يزال يحتل المرتبة الثانية بعد الدولار الأمريكي. وعلى مدار العامين الماضيين، تضاعف سعر الذهب، بزيادة بلغت 30% منذ بداية العام، مدفوعًا بزيادة الطلب من المستثمرين والبنوك المركزية الباحثين عن الأمان في الأسواق المتقلبة.

زيادة قادمة

ووفقًا للاستطلاع السنوي لمجلس الذهب العالمي، فإن 95% من المشاركين يتوقعون زيادة في احتياطيات الذهب العالمية خلال الاثني عشر شهرًا القادمة — وهي النسبة الأعلى منذ بدء إجراء الاستطلاع في عام 2018. وقد شمل الاستطلاع أكثر من 70 بنكًا مركزيًا من مختلف أنحاء العالم، وأظهر أيضًا أن ثلاثة أرباع هذه البنوك تتوقع انخفاضًا في حيازاتها من الدولار الأمريكي خلال السنوات الخمس المقبلة.

وقال شاو كاي فان، ممثل مجلس الذهب العالمي، إن هذا الاتجاه يعكس تنامي الثقة في الذهب كأصل استراتيجي للاحتياطيات. وأضاف: “هناك قناعة قوية بأن البنك المركزي الخاص بكل دولة سيشتري الذهب، وأن بقية البنوك تفعل الأمر ذاته”.

وقد تسارعت وتيرة شراء الذهب منذ ادلاع حرب روسيا وأوكرانيا عام 2022، إذ دفعت العقوبات الغربية، بما فيها جهود الولايات المتحدة لعزل روسيا عن النظام المالي العالمي، العديد من البنوك المركزية في الأسواق الناشئة إلى تسريع جهود التنويع والابتعاد عن الاعتماد الكبير على الدولار الأمريكي.

وذكرت البنوك المركزية المشاركة في الاستطلاع أن أداء الذهب في أوقات الأزمات، وخلوه من مخاطر التخلف عن السداد، ودوره كأداة تحوط ضد التضخم، كانت من أبرز الأسباب وراء تفضيله. وقال أحد المشاركين بشكل مجهول: “التطورات الأخيرة مثل تصاعد الرسوم الجمركية والنزاعات التجارية زادت الشكوك حول وضع الدولار كملاذ آمن، لكنها عززت من جاذبية الذهب”.

مشكلة التخزين

ورغم هذه الإيجابيات، فإن للذهب بعض العيوب، مثل تكاليف التخزين وصعوبة النقل، بالإضافة إلى كونه أقل سيولة من الاحتياطيات النقدية. ومع ذلك، فإن شعور البنوك المركزية بالأمان والاستقلالية الذي يوفره الذهب يبدو أنه يتفوق على هذه السلبيات في ظل المناخ الجيوسياسي الحالي.

وأظهر الاستطلاع كذلك تزايد القلق بشأن أماكن تخزين الذهب. فعلى الرغم من أن لندن ونيويورك لطالما كانتا المراكز الرئيسية لتخزين الذهب الخاص بالبنوك المركزية الأجنبية، إلا أن بعض الدول بدأت في إعادة احتياطاتها إلى أراضيها. ويُعزى ذلك إلى مخاوف من عدم القدرة على الوصول إلى الذهب في حال نشوب أزمة أو فرض عقوبات.

ففي العام الماضي، أعادت الهند أكثر من 100 طن من الذهب من بنك إنجلترا إلى أراضيها، كما قامت نيجيريا بإعادة جزء من احتياطياتها الذهبية. وأظهر الاستطلاع أن حوالي 7% من البنوك تخطط لزيادة تخزين الذهب محليًا — وهي أعلى نسبة منذ جائحة كوفيد-19.

وتعكس هذه الخطوة تنامي المخاوف من أن الذهب المخزن في الخارج قد لا يكون آمنًا من التجميد السياسي أو العقوبات. وقد زادت هذه المخاوف بعد أن تساءل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في فبراير/شباط عما إذا كان “الذهب قد اختفى” من فورت نوكس، وهو الموقع الذي يحتوي على معظم احتياطيات الذهب الأمريكية. ورغم أن فورت نوكس يحتفظ بالذهب الأمريكي، إلا أن تعليقاته أثارت قلقًا أوسع بشأن سلامة الذهب الأجنبي المخزن في الولايات المتحدة.

ويُعد بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك هو المسؤول عن تخزين الذهب لصالح البنوك المركزية الأجنبية. لكن في ظل تزايد عدم الاستقرار السياسي، أصبحت بعض الحكومات أقل ثقة بإمكانية الحفاظ على أصولها من التدخل الخارجي.

aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA== جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى