«التنسيق الأوروبي».. خطوة فرنسية لتعزيز مكافحة الإخوان

في ظل تصاعد التهديدات التي تمثلها الجماعات المتطرفة، اتخذت فرنسا زمام المبادرة على المستوى الأوروبي لمواجهة جماعة الإخوان.
وكان تقرير استخباراتي فرنسي قد اعتبر الجماعة من أبرز التنظيمات ذات البُعد السياسي والديني والتي تؤثر على استقرار الدول الأوروبية.
التقرير غير المسبوق، أعدّته الأجهزة الاستخباراتية الفرنسية بطلب من وزير الداخلية برونو ريتايو، وكشف عن تحركات “مُقلقة” لجماعة الإخوان داخل فرنسا، مستخدمة استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى تقويض مبادئ الجمهورية من الداخل.
وتقول الباحثة في المركز الوطني للبحث العلمي، فلورنس بيرجود-بلاكلر، إن الدولة الفرنسية أدركت الاستراتيجيات التي يستخدمها الإخوان لبناء مشروعهم المجتمعي الإسلامي، من خلال هياكل صغيرة غالبًا ما تكون قريبة من المساجد.
وتضيف: “هذه الهياكل تقدم دروسًا في اللغة العربية، وتعليمًا دينيًا.. وحولها يتشكل محيط اقتصادي واجتماعي، مع متاجر حلال، وأنشطة رياضية وترفيهية، وهياكل للخدمات الشخصية، ودعم دراسي، وأنشطة ما بعد المدرسة، أي بناء مجتمع بديل”.
وفي ظل هذه التحديات الأمنية والسياسية التي تطرحها جماعة الإخوان داخل الاتحاد الأوروبي، طرحت فرنسا مبادرات حاسمة على مستوى القارة العجوز تهدف إلى توحيد السياسات والتشريعات الأمنية للحد من أنشطة الجماعة وتعزيز مراقبتها على المستوى القاري.
مبادرات وتحديات
بحسب صحيفة “لوموند”، تشير الحكومة الفرنسية إلى أن مكافحة جماعة الإخوان لا يمكن أن تقتصر على جهود فردية للدول، بل يجب أن تتم في إطار أوروبي موحد، مشيرة إلى أن “فرنسا تدعو إلى تعزيز التعاون الأوروبي لمواجهة نفوذ الجماعة”، معتبرة إياهم تهديدًا عابرًا للحدود يتطلب ردًا موحدًا.
المبادرة التي طرحتها باريس تأتي في سياق رؤية الدولة لتعزيز التنسيق الاستخباراتي وتبادل المعلومات بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، لتصميم آليات مشتركة لمراقبة التمويل والأنشطة الدعوية المرتبطة بالجماعة.
وقد لفت تقرير من “الجمعية الوطنية” إلى أهمية “توحيد التشريعات الأوروبية لمنع استغلال هذه الجماعات للثغرات القانونية بين الدول الأعضاء”. بالإضافة إلى ذلك، يشير مركز الأبحاث الفرنسي “IFRI” إلى أن الضغط الأوروبي الموحّد من شأنه “تضييق الخناق على شبكة جماعة الإخوان في أوروبا”.
معوقات أوروبية
لكن في الوقت نفسه، يقول “IFRI” إن الجماعة قد تسعى لتكييف استراتيجياتها والتخفي بشكل أكثر، وهو ما يعني أن المبادرات الأوروبية تحتاج إلى تكامل تشريعي وأمني مستمر لمواكبة تحولات الجماعة.
ويرى أن من أبرز معوقات مواجهة الإخوان على المستوى الأوروبي هو التباين في التشريعات الوطنية بين دول الاتحاد، ما يتيح للجماعة استغلال ثغرات قانونية للتنقل أو إقامة نشاطات في بيئات أكثر تساهلًا.
لذلك، تعمل فرنسا على الدفع باتجاه إقرار آليات قانونية أوروبية مشتركة تمنح صلاحيات أوسع لمراقبة وتمويل الجمعيات، بالإضافة إلى تفعيل حملات إعلامية لتوعية الرأي العام الأوروبي بمخاطر الجماعة.
ويرى محللون أمنيون أن المبادرات الفرنسية التي تعزز التعاون الأوروبي ستكون حجر الزاوية في الحد من نفوذ جماعة الإخوان داخل القارة، من خلال تحجيم قدرتها على التمويل والتنظيم، وتقليص مساحات عملها المشروعة وغير المشروعة. فوفقًا لتقرير نشرته “لوموند”، فإن “التنسيق الأوروبي المتزايد سيقلل بشكل ملحوظ من خطر التطرف العنيف المرتبط بالجماعة في أوروبا”.
ومع ذلك، تبقى هناك تحديات كبرى مثل ضمان التوازن بين مكافحة التطرف والحفاظ على الحريات الدينية وحقوق الإنسان، إذ يحذّر بعض الخبراء من أن الإجراءات الصارمة قد تؤدي إلى توترات داخل المجتمعات المسلمة، وهو ما قد يستغله التنظيم لتعزيز خطاب الضحية.
aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA== جزيرة ام اند امز