«قنبلة لوبان» وتعريفات خانقة.. هل فرنسا في أزمة؟

تحديات سياسية واقتصادية كثيرة تواجه الولاية الثانية للرئيس إيمانويل ماكرون، ما يضع الجمهورية الخامسة في فرنسا على المحك.
ووفق مجلة “بوليتيكو” الأمريكية، فإن منع القضاء، المرشحة الرئاسية مارين لوبان، من خوض الانتخابات الرئاسية المقررة 2027، والتعريفات الجمركية المدمرة للسوق التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ليست سوى أحدث التحديات التي تعصف بولاية ماكرون الثانية.
إذ تشتعل حرب تجارية في الغرب بينما تدور حرب حقيقية في الشرق، والبرلمان الفرنسي منقسم بشكل ميؤوس منه، ولا يزال العجز في ميزانية البلاد مرتفعًا بشكل مقلق، مع احتمال ضئيل لتخفيضه.
وفي الوقت نفسه، قد يكون رئيس الوزراء الرابع في البلاد في الأشهر الثمانية عشر الماضية، فرانسوا بيرو، في طريقه إلى الرحيل إذا نفذ أقصى اليمين تهديداته بإسقاط الحكومة.
وتبدو ركائز الجمهورية الفرنسية الخامسة التي يبلغ عمرها 66 عامًا، غير مهيأة بشكل أساسي للصمود في وجه هذه الهجمة غير المسبوقة من الأزمات المحلية والدولية، على حد قول “بوليتيكو”.
وقالت المجلة “تقلصت مساحة المناورة المتاحة أمام ماكرون، وأصبح رؤساء وزرائه عرضة للخطر، ويبدو أن الأغلبية القابلة للتطبيق في البرلمان، بعيدة المنال. ولا يملك الرئيس الفرنسي خيارات كثيرة لمعالجة المأزق السياسي سوى الدعوة إلى انتخابات مبكرة أخرى هذا الصيف، الأمر الذي قد ينتهي به الأمر إلى برلمان معلق آخر”.
“الأمور سيئة” هكذا علق برونو كوتريس، المحلل السياسي في مركز العلوم السياسية في باريس، على الوضع الحالي، الأسبوع الماضي، قبل أن تنخفض أسواق الأسهم العالمية، بما في ذلك مؤشر CAC40 الفرنسي، نتيجة لتعريفات ترامب الجمركية.
أحد حلفاء ماكرون الذي فضل عدم الكشف عن هويته، قال لـ”بوليتيكو“، إن تراجع السوق، قد يكون علامة على ما هو أسوأ في المستقبل.
متابعا: ”عندما تبدأ [الأزمة] في التأثير على الاقتصاد الحقيقي، وتبدأ الشركات في رؤية دفاتر الطلبات تتقلص، سيصبح الأمر معقدًا حقًا“.
ما هو الخطأ في فرنسا؟
بعد أن كان يُنظر إلى ماكرون كقوة قيادية في السياسة، أصبح الرئيس محل ثقة واحد فقط من كل أربعة أشخاص في فرنسا لمعالجة المشاكل التي تواجه البلاد، وفق استطلاعات الرأي.
وأدى قراره برفع سن التقاعد على الرغم من المعارضة الواسعة النطاق إلى نفور الكثير من الناخبين، فيما أدت الدعوة إلى انتخابات مبكرة في الصيف الماضي إلى برلمان منقسم، مما أثر على مصداقية الرئيس، على حد قول “بوليتيكو”.
ويعتقد 28 في المئة فقط من الفرنسيين الذين شملهم الاستطلاع، أن ديمقراطيتهم تعمل بشكل جيد، وهي نسبة أقل بكثير من تلك الموجودة في إيطاليا وهولندا وحتى ألمانيا (51 في المئة)، وفقًا لدراسة أجراها مركز ”ساينس بو“.
هنا، قال كوتريس: ”إن الاستياء هائل، وهو ليس فقط بين [القوى الراديكالية مثل] التجمع الوطني وحزب فرنسا الأبية“، مضيفا: ”هناك شعور عام بأن الديمقراطية [الفرنسية] تعاني من خلل وظيفي”.
غضب لوبان
قبل 31 مارس/آذار، بدت مارين لوبان زعيمة المعارضة، الشخصية الأقدر على الاستفادة من الضائقة السياسية في فرنسا، إذ إن حزب التجمع الوطني الذي تتزعمه يملك ثقلا كبيرا في البرلمان وتُظهر استطلاعات الرأي أنها المرشحة الأوفر حظًا للرئاسة في عام 2027 في حال ترشحها.
ولكن في الأسبوع الماضي، أُدينت لوبان وحزبها و23 من حلفائها باختلاس أكثر من 4 ملايين يورو من أموال البرلمان الأوروبي.
واتخذت هيئة مؤلفة من ثلاثة قضاة قرارًا استثنائيًا – وإن لم يكن غير مسبوق – بمنعها فورًا من الترشح للرئاسة لمدة خمس سنوات، بدلًا من تأجيل العقوبة حتى انتهاء عملية الاستئناف، كما هو معتاد في فرنسا.
ويمنع القرار لوبان فعليًا من الترشح للانتخابات الرئاسية لعام 2027، ما لم يتم نقضه عند الاستئناف.
وردًا على ذلك، شنت لوبان هجومًا عنيفًا على ما تعتبره نظامًا وقضاءً مزورًا، وهي استراتيجية تهدد بتقويض الثقة في النظام الديمقراطي في فرنسا، وفق “بوليتيكو”.
وقال ألبرتو أليمانو، وهو محاضر في القانون الأوروبي في كلية إدارة الأعمال في باريس: ”سيزيد هذا الحكم من استقطاب المجتمع الفرنسي المنقسم بالفعل، والذي سيصبح أكثر انقسامًا“.
الأكثر من ذلك، توجد بؤر توتر أخرى محتملة تلوح في الأفق. فانهيار الحكومة أو الأزمة المالية أو حتى عودة احتجاجات المزارعين كلها أمور يمكن أن تحدث، ما يضع السياسة الفرنسية على المحك.
aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA==
جزيرة ام اند امز